Saturday, January 17, 2009

إلى أين نرحل


هو:هيا نرحل يا عزيزتي.. لم يعد لنا مكان هنا

هي:و إلى أين نذهب و قد ولدنا و نشأنا هنا و لا نعرف لنا مكان غير هذا

هو:إلى أي مكان لا نسمع فيه صوت القنابل صباح مساء

هي:أينعم.. نريد مكانا لا تفوح منه رائحة الموت

هو:هل جمعتي كل الأغراض

هي:جمعت ما نستطيع حمله فقط

هو:هل أخذتي جهاز الراديو الذي أهديته لك في عيد زواجنا الأول؟

هي:لا.. و لماذا آخذه؟؟ كي نسمع أخبار القصف و أعداد الموتى المتصاعدة كل يوم؟ لا لم آخذه

هو:هل أخذتي ردائك الوردي و عقدك اللؤلؤي الذين اعتدتي ارتدائهم كل أمسية خميس؟

هي:لا..و كيف ارتديهم في دار غير دارنا!! و أي بهجة اشعر بها و قد اقتلعت من جذري!!

هو:أنا قد أخذت بندقيتي القديمة

هي:و لكن ليس بها بارود !!فلماذا أخذتها؟

هو:حتى أتذكر يوم كان في يدي القوة و سلبتها الحرب مني

هي:لنفس السبب أخذت صورة أبنائي الشهداء...حتى أتذكر يوما أنني كنت شجرة مثمرة سلبها العدو فروعها

هو:كم كنت أتمنى أن احمل معي شجرة الزيتون التي زرعتها قبل خمسة عشر سنة و رويتها يوما بعد يوم حتى كبرت و ترعرعت.. و جاء القصف الغاشم الذي لا يفرق بين غصن زيتون و مدفع فاحرقها و شتت فروعها

هي: و أنا كم كنت أتمنى أن احمل معي سجادتي الصوفية التي نسجتها من صوف أغنامي، و شهدت حبو أبنائي و نموهم و لكنها قد لطخت بدمائهم ؛بعد أن قتلهم العدو الأعمى الذي لا يفرق بين طفل يحبو و مجاهد يحارب.

هو:يا ليتني أستطيع أن أحاربهم و أشردهم كما شردونا ؛و اقتلع أثرهم من الدنيا كما اقتلعوا أبنائنا من أحضاننا

هي:و لم لا؟!! أليست معك بندقيتك؟

هو:بلى.. و لكنها فارغة لا بارود فيها..

هي:خذ خاتمي الذهبي.. ذلك الخاتم الذي تزوجتني به منذ أكثر من ثلاثين عاما ..خذه و بعه و اشتري البارود

هو:قد أموت و أنا أحارب.. فمن يكون لك من بعدي؟

هي:ستبقى لي أشلاء شجرة الزيتون و السجادة الملطخة بدماء أبنائي..سأحارب من اجل أن اغرس جذوري من جديد في تربة بلادي المنتهكة

هو:و سنلتقي حتما ... إن لم يكن في دارنا المقصوف؛ فسيكون في الجنة

هي:إلى اللقاء يا عزيزي