Wednesday, December 30, 2009

وزارة ميكي ماوس

قديما .. كنت احب مجلة ميكي و انتظر يوم الخميس بشغف حتى ارحل مع مجلتي الى عالم ميكي ماوس الجميل الخيالي.

فاشارك ميكي- ذلك الفأر الذكي- مغامراته لإعادة الحق إلى أصحابه ،و حل كل الألغاز المعلقة.

و طالما تمنيت أن أمتلك - في يوم ما - هذا البيت المسقف بالقرميد الأحمر ،و هذه السيارة الصغيرة المكشوفة، و التي أحلم أن أجوب بها شوارع مدينة البط ؛لالقي التحية على باقي أبطال مجلتي.

فاصطحب بندق؛ ذلك الصديق المخلص الساذج و أسافر معه

إلى الريف بيت الجدة بطة ،لأغسل عيوني بالخضرة الممتدة واستمتع برائحة فطيرة التفاح الشهيرة و أشاهد لوز و أراقب مدى كسله


ثم امر بها على ميمي و كوكا؛ لأشارك في حفلات الشاي الرائعة و أتابع أحدث صيحات القبعات المضحكة.



و اذهب الى عبقرينو؛ ليخترع لي آلة تمنع الحروب و تغسل قلوب البشر من الكره و العناد.

و اذا ما انكسر مني أي شئ ؛ ذهبت الى أبو طويلة ليصلحه في ورشته العجيبة.

و لطالما كانت تضحكني عصبية بطوط ، صاحب الشخصية الفضولية الغيورة،و كنت اسعد بتفوق أبناء اخيه عليه في تفكيرهم و تدبيرهم في أغلب الاوقات

و منافسته مع محظوظ على حب زيزي ،تلك البطة المعتدة بنفسها المهتمة بأناقتها و التي تشارك في حفلات خيرية طوال الوقت

لم احب عم ذهب ، و كنت افرح عندما ينقلب عليه بخله و بالرغم من عدم حبي له ؛ فلم احب الساحرة سونيا ولا عصابة القناع الأسود و خططهم الغبيه المستمرة لسرقة قرش الحظ و التي دائما ما تبوء بالفشل

و لم لا و((الخير دائما ينتصر)) هذا المبدأ الذي ترسخ في وجداني عندما كنت صغيرة و اثبتت لي الأيام مدى سذاجته و سذاجتي


و السؤال الآن:

هل نستطيع اليوم أن نجد وزيراً للداخلية مثل ميكي؟ يرجع الحقوق إلى أصحابها و يرسخ الأمن دون أن يهين البسطاء و يظلم الأبرياء؟

أو وزيرة للتموين مثل الجدة بطة؟ تستطيع أن تكتفي ذاتياً بإمكانياتها و تطعم الشعب من غرس يده؟

أو وزيراً َ للمالية مثل عم ذهب ؟ يحافظ على الموارد و ينميها و يوسع ثروة البلد ، حتى لو اشترى مناجم الذهب في كاركوتيا العليا!

أو وزيراًَ للبحث العلمي مثل عبقرينو ؟يستخدم العلم في إختراعاتٍ تحفظ للمواطن ماء وجهه المنسكب ليلَ نهار ، و يجعل شغله الشاغل هموم القرية البسيطة لا القرية الذكية

أو وزيراً للخارجية مثل بطوط؟ يغار على مصلحة البلد و شرفها و يرد عنها كل اعتداء ، و تدفعه حميته أن يجوب البلاد لإصلاح الشروخ العميقة في كرامة البلد ؟

أو وزيرة للبيئة مثل ميمي؟ تملأ سماء بلادي برائحة الزهور، بدلا من السحابات السوداء التي احرقت صدورنا؟ و تجمل الشوارع بالحدائق؛ بدلا من غابات الأسمنت الكئيبة؟

أو وزيرة للسكان مثل كوكا؟ تنسج للفقراء و المهمشين و أطفال الشوارع نسيجا يستر عوراتهم و يغلف قلوبهم بالحب و الأمان!

أو وزيراً للتعليم مثل محظوظ؟

يبتكر نظاما ناجحا لتعليم أبنائنا ،بدلا من قشور العلم المتطايرة في عقولهم؟

او وزيرة للثقافة مثل زيزي ؟ تنشر الثقافة و لا تنسي ان تطعم الشعب اولاً.. فالبطن الفارغة لا يمكن ان تهضم الثقافة!!

حتى اللصوص..هل يمكن ان يصبج اللص أو المزور أو المحتال في بلادي مثل عصابة القناع الأسود ؟ ابله ،غبي ،فاشل ، بدلا من أساتذة النصب و الإجرام؟

لا.. لا يمكن ذلك.. فلسنا في مدينة البط.. و لا نمتلك صفاء أرواح الكائنات الكرتونية...للأسف

و اليوم عندما تغلق الدنيا بيبانها أمامي ،و يتهشم قلبي و أنا أرى أطفال تنموا في برد الشوارع ،و لصوص تسرِق حتى الدماء و الأعضاء من جوف المواطن ، و مباني تهد فوق رؤوس أصحابها و حصار... و دمار... و حروب...

ابحث عن عدد مخبأ من مجلة ميكي، و انزوي خارج حدود الزمن لاستمتع بنفس الروح الطفولية و اخوض من جديد في وهم عالمي الخيالي المفضل .


Thursday, May 14, 2009

يوم الغسيل

نادرا ما يحدث أن ينقلك صوت ما أو نص ما إلى أعوام سبقت و يغلفك بحالة من الشجن ، و تتداعى عليك الذكريات حتى تنقل لك رائحة أو طعما مرت عليه سنوات لم تشمه أو تتذوقه

هذا ما حدث بعد قرائتي لموضوع(من قلب البانيو أتحدث) للزميل المدون (يا مراكبي)

و ذكرني موضوعه بيوم الغسيل

ذلك اليوم الذي مر عليه اكثر من خمسة و عشرون عاما و قبل شراء الغسالة الفول اوتوماتيك

هو في الواقع ليس يوما واحدا و انما ..يوم و ليلة

كانت أمي في الليل تفرز الغسيل، و تفصل الأبيض عن الملون ،و تنقعه في بستيلا الومنيوم ،و تضعها فوق البابور و تضع فيها كل ما تيسر من صابون مبشور و بطاس ،و ذلك قبل انتشار السافو و الكلور

و تنبعث من هذا الخليط رائحة فريدة تغمر انفي الان و ان كنت لم اشمها من زمن بعيد!

و تظل امي تبعدنا انا و أخي و تحذرنا من الاقتراب من المياة المغلية مشفقة علينا من لهبها غير مكترثة بالعرق المتصبب من جبينها الناعم

فتنصح مرة و تزجر مرة و نحن يغمرنا الفضول لنعرف ماذا يسلق في هذه البستلة !

و في الصباح.. و أنا انعم بالنوم في فراش نظيف هادئ، كانت أمي تستيقظ مبكرة لتلحق اليوم من أوله و يبدأ مشوار الغسيل المزعج

فتنتشل الغسيل المنقوع في البستلة بعصاية الغلية الخشب و التي كان لها احيانا مآرب أخرى كالتأديب و التهذيب و الإصلاح

تنتشله بها حتى لا يطال أصابعها الحبيبة مسحوق البطاس الفتاك و التي كانت لا تسلم منه يداها الطيبة

لتضعه في الغسالة (ام عين واحدة) و تبدا رحلة اللف و التكريك

فقد كانت ذات صوت مميز يسمعه البعيد قبل القريب ،و كانت في أوقات كثيرة تصدر ماسا كهربيا يؤلم أمي؛ و لكن لا يردعها عن اكمال مهمتها العظيمة في تنظيف ملابسنا المتسخة

و تبدأ رحلة الشطف في بستله أخرى و من بعدها التزهير في كروانة ثانية

و نستيقظ من النوم لنجد الحمام مبللا مليئا بالغسيل المترنح بين الشطف و التزهير

فنتأفف و نزمجر... اية الدوشة دي .... اي المية دي.... بنطلون بجامتي اتبل و كنت حتزحلق

فلا اجد من أمي الا عبارة :اقلعي الهدوم دي خليني اغسلها بالمرة

و يا ويل من نام و راحت عليه نومه يوم الغسيل

يستيقظ فيجد أمي قد شدت الملاية من تحته ،و خلعت البيجاما و ما تحتها الا القليل ،و اذا حاول ان يبحث عن ملابس أخرى على الشماعة يجدها قد اعتقلت هي الأخرى من أجل ان(تغسل بالمرة)

و تظل أمي في هذه المعركة، بين العصر و النشر بملابسها المبتله و التي لا تريد ان تغيرها بأخرى جافة حتى تنتهي ،غير مهتمة بالبرد و كل ما يشغل اهتمامها في اللحظة الراهنة هو أن ترى الغسيل يشف و يرف على الحبال و ترانا نرتدي ملابس نظيفة تشع منها رائحة النظافة

ربما تظن أمي أني نسيت هذه الأيام !و نسيت هذا الإصبع المطاطي التي كانت ترتديه في اصبعها عندما يلتهب من البطاس حتى لا تصل اليه المياة فتزيد التهابه ،و هذا الإصبع المطاطي كان يثير فضولي و احسبه بالونا احب ان اختلسه منها لأنفخ فيه فأفرقعه و احرمها من الوقاية الوحيدة من فتك البطاس الذي إن كان ينظف ملابسنا ..فهو يهري أصابعها الحبيبة

و ينتهي فوم الغسيل الابيض لتغير أمي مياه الغسالة بأخرى نظيفة ليبدا فوم الغسيل الملون

و هكذا دواليك.. إلى أن ينتهي ماتش الغسيل و أرى أيدي أمي الغالية و أرجلها قد باشت من الماء و الصابون و البطاس و أشعر بالألم في ظهرها و أرجلها

و اتعجب من ابتسامة الرضا في عينها !!و التي لم أفهم سببها حتى كبرت و احسست بها ،عندما اقدم لزوجي و ابنائي جهدا، فاشعر بلذة العطاء و امتزاجه بالوجع

كان زمان ..يوم الغسيل يوما شاقا مؤلما على أمي ،و ان كانت لم تشتكي يوما، بعكس اليوم نضع الغسيل في الغسالة فيخرج شبه جاف و مع ذلك نكسل ان ننشره و نبحث عن شغالة تقوم بهذا الدور

حالة من الشجن.. تفوح منها رائحة البطاس و الصابون الممزوجة برائحة الجاز المحترق و لون النظافة و صوت البابور و عصاية الغلية تقلب في الغسالة الايديال القديمة

لا اشتاق الى اي منها و انما اشتاق الى العظيمة الحبيبة الدافئة أمي و التي نسجت بروعتها ذكريات طفولتي بقمة عطائها

اتمنى أن تقترب المسافات و أعود اليها اطبع قبلة دافئة على يديها و خديها حبا و عرفانا

يا رب ..يا رب.. يا رب يبارك في صحتك يا أمي و يعوضك عما قدمتي لنا حلاوة إيمان تجديها في قلبك العطوف و يسعد أيامك و يحسن خاتمتك أنتي و أبي الفاضل الحبيب

كنتم مع

يوم الغسيل

مرشته لكم

كلبوزة لكن سمباتيك

Friday, March 13, 2009

زهرات حياتي


أن يكون لك صديق في هذا الزمان تحبه و يحبك، تفهمه و يفهمك، فهذه نعمة عظيمة نادرة، قد يسعى الإنسان وراءها أعوام طويلة، يصطدم خلالها بأشخاص لا يرتقون لدرجة الأصدقاء، يعبرون في حياتك دون ترك اثر يذكر.
تتعرف في خلال حياتك على أشخاص يمتصون رحيقك و لكن لا يشاركونك معاناتك، و أشخاص أُخر لا تتفق مع سلوكياتهم و لا تنسجم معهم ، و أشخاص أُخر يكون الجلوس معهم كوخز الدبابيس و لدغ العقارب، و أشخاص أُخر يسلبونك طاقتك و سماتك و تنحدر معهم إلى تصرفات لا تحبها و عندما تستفيق؛ تعلم أن الوقت الذي مضى معهم انتقص من عمرك و لم يزيدك إلا ذنوبا.
و صدق الرسول الكريم صلوات ربي و سلامه عليه حين قال:
((مثل الجليس الصالح وجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن تبتاع منه، وإما أن يحذيك، وإما أن تجد منه ريحًا طيبة، ونافـخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحًا كريهة))التفسير
فالصديق الطيب هو من يعطر قلبك بذكر الله و يعينك على الطاعات و يرفع روحك إلى مراتب راقية و يدعمك نفسيا، عكس الصديق السيئ الذي يكون القرب منه خسارة و خذلان و اكتساب لعادات سيئة.
و الصديق نعمة ،يرزقك الله بها فإما ان تشكر الله عليها و تحافظ عليها و الا تزول.
و المحافظة على الاصدقاء فن ؛غاب عن الكثيرين ، فمن الناس من يستمتع بوجود صديق طيب في حياته و لكن لا يكلف نفسه عناء ان يسأل عليه و يهتم بأموره و يبادله حبا بحب و هؤلاء الاشخاص لا يستفيقون الا عندما تمر بهم السنون و يجدون انفسهم عُزَّل في جزيرة خالية من الأصدقاء.
و من نعم الله علي ،أن رزقني بصديقات طيبات أحس في كثير من الأحيان أنهن أخواتي اللاتي لم تلدهن أمي
فالتفاهم و الحب و الود و المساندة و التكامل هو ما يجمع بين قلوبنا ، و اجد نفسي أدعو لهن في قلب الليل بكل خير و لا أنسى منهن أحدا لأنهن مرسومات في قلبي كاللوحة الجميلة المعطرة.
( أمل ...سماء...ليلى ...مها...مروة...هبة )
صديقاتي اللاتي زيّن حياتي بعطرهن ،و احملهن في عنقي كالجواهر المتلئلئة القيمة التي تنير عالمي ببريقها.

اللهم بارك لي فيهم، و زدنا و لا تنقصنا ،و اعطنا و لا تحرمنا ،و اغفر لنا ،و اجمعني بهن في جناتك
برحمتك يا أرحم الراحمين

كل الحب و الود و الأمنيات الطيبة للغالية الحبيبة ..الأخت ..و الصديقة
خالتي بمبة
على شروق عام جديد لها في سماء الدنيا
و عقبال مئة سنة يا جميل
***
كلبوزة لكن سمباتيك

Saturday, January 17, 2009

إلى أين نرحل


هو:هيا نرحل يا عزيزتي.. لم يعد لنا مكان هنا

هي:و إلى أين نذهب و قد ولدنا و نشأنا هنا و لا نعرف لنا مكان غير هذا

هو:إلى أي مكان لا نسمع فيه صوت القنابل صباح مساء

هي:أينعم.. نريد مكانا لا تفوح منه رائحة الموت

هو:هل جمعتي كل الأغراض

هي:جمعت ما نستطيع حمله فقط

هو:هل أخذتي جهاز الراديو الذي أهديته لك في عيد زواجنا الأول؟

هي:لا.. و لماذا آخذه؟؟ كي نسمع أخبار القصف و أعداد الموتى المتصاعدة كل يوم؟ لا لم آخذه

هو:هل أخذتي ردائك الوردي و عقدك اللؤلؤي الذين اعتدتي ارتدائهم كل أمسية خميس؟

هي:لا..و كيف ارتديهم في دار غير دارنا!! و أي بهجة اشعر بها و قد اقتلعت من جذري!!

هو:أنا قد أخذت بندقيتي القديمة

هي:و لكن ليس بها بارود !!فلماذا أخذتها؟

هو:حتى أتذكر يوم كان في يدي القوة و سلبتها الحرب مني

هي:لنفس السبب أخذت صورة أبنائي الشهداء...حتى أتذكر يوما أنني كنت شجرة مثمرة سلبها العدو فروعها

هو:كم كنت أتمنى أن احمل معي شجرة الزيتون التي زرعتها قبل خمسة عشر سنة و رويتها يوما بعد يوم حتى كبرت و ترعرعت.. و جاء القصف الغاشم الذي لا يفرق بين غصن زيتون و مدفع فاحرقها و شتت فروعها

هي: و أنا كم كنت أتمنى أن احمل معي سجادتي الصوفية التي نسجتها من صوف أغنامي، و شهدت حبو أبنائي و نموهم و لكنها قد لطخت بدمائهم ؛بعد أن قتلهم العدو الأعمى الذي لا يفرق بين طفل يحبو و مجاهد يحارب.

هو:يا ليتني أستطيع أن أحاربهم و أشردهم كما شردونا ؛و اقتلع أثرهم من الدنيا كما اقتلعوا أبنائنا من أحضاننا

هي:و لم لا؟!! أليست معك بندقيتك؟

هو:بلى.. و لكنها فارغة لا بارود فيها..

هي:خذ خاتمي الذهبي.. ذلك الخاتم الذي تزوجتني به منذ أكثر من ثلاثين عاما ..خذه و بعه و اشتري البارود

هو:قد أموت و أنا أحارب.. فمن يكون لك من بعدي؟

هي:ستبقى لي أشلاء شجرة الزيتون و السجادة الملطخة بدماء أبنائي..سأحارب من اجل أن اغرس جذوري من جديد في تربة بلادي المنتهكة

هو:و سنلتقي حتما ... إن لم يكن في دارنا المقصوف؛ فسيكون في الجنة

هي:إلى اللقاء يا عزيزي