Thursday, June 30, 2011

الحياة رؤية



برغم ملابسة الرثة و مظهره البسيط كان يشعر انه مدير ادارة نفسه، و كان لدية من الثقة و التمكن ما لا يملكه اشخاص في مراكز قيادية في البلاد.

تلك الثقة التي تدفعك لان تصدق ان يوما سينبت لك جناحين و تستطيع ان تنافس النسور في التحليق بعيدا بل و اقتناص الاهداف كذلك.

و الغريبة ان ثقته بنفسه و قدراته لم تكن مبررة! فلا هو متعلم تعليما جامعيا، و لا هو ذو بنية جسدية قوية ، و لا هو ذو عقلية زويلية- نسبة الى العالم احمد زويل- ثاقبة.

هو لا يملك الا ثقة في قدراته التي لا يعرفها بعد.

هو ذلك الشعور الذي يتمثله الفقراء ،ليعوضوا به فقر أيامهم و يستغنوا به عن المظاهر و الشهادات.

و مقوماته سهلة ؛ صدر مفرود و جسارة ابدية و عبوس مفتعل و قليل من الحشرجات الصوتية..

و تصبح عدة العمل جاهزة

يخرج كل صباح، ممسكا في يده عصا خشبية مسننه ،قد يستبدلها احيانا برجل كرسي مكسور ،او ربما ماسورة مياه قديمة ،كما يبدل الرجال ربطات اعناقهم

و يمشي رافعا راسه، متحفزا لاي عراك وشيك يفرد فيه عضالاته المتخيلة ،و التي يحسبها تطل من فتاحات قميصه المتشقق ،و من قفصه الصدري البارز من جلده كدجاجة اكلت و لم يتبقى الا عضمها.

و ليحبك الصورة و يكمل الهيئة ؛يحلو له ان يرفع حاجبا و يضع الآخر في نظرة مليجية –نسبة للراحل محمود المليجي- و واجهة شوقية-نسبة للراحل فريد شوقي- محركا راسه يمينا و يسارا متقمصا لدور مساحات المطر الالمانية في احدث السيارات.

و قد يتسائل البعض ما هي مهنته

انها المهنة التاريخية التي يحلوا للبعض ان يسميها (بلطجة)

هو شخص لم يقدم له المجتمع مفاتيح شخصيته؛ فاضطر ان يستعمل (طفاشات) ليفك شفرة نفسه.

هو شخص لم يجد التعليم الجيد و لا الفرصة المناسبة ليبدع ؛فاضطر ان يشق طريقة بسكين حاد.

لم يقدم له المجتمع قلم الوان و رغيف خبز نظيف ،فراح يحفر على الحوائط و يخربش عليها باي حجر، و يتنازع مع القطط بجوار اي صندوق قمامة على لقمة العيش.

شخص علمته الايام، ان مالا تستطيع الحصول عليه لانه حقك ؛فعليك ان تنتزعه لانك تحتاجه.

شخصية بقدر ما تبغضها ؛تشفق عليها..

و لكنها رؤيته في الحياة، فهو يرى نفسه كما يحب ان يكون، ذلك الأسد في جسد فأر

فمتى يرانا مجتمعنا كما يجب ان نكون؟! و متى يتيح لنا مفردات بناء انفسنا بناءا صالحا طيبا

و متى يأتي اليوم الذي تختفي فيه شخصية البلطجي؟ و يتحول كل بلطجي لشخص صالح منتج ،يضيف للحياة بدلا من ان يسلب منها.
موضوعي الذي نشر في موقع رؤية نت